الأحد، 19 سبتمبر 2010

الرسالة الخــامسة

(5)

وبعد تلك اللحظات التي أثرت مشاعر كل منهم ، إنصرف الحاج كامل مجددا لعلمه ،وانشغلت كل من نهي ووالدتها فى إعداد العدة للسفر، فلم يتبق سوي يوما واحدا فاصلا ً بينهم وبين تلك الرحلة التى طاقت لها أنفسهم.

وبعد ان فرغت كلتاهما من إعداد لوازم السفر ، والتي أنهكت ما تبقي لهم من قوة

جلستا أمام شاشة التلفاز لمتابعة احد البرامج الدينيه التي إعتادتا متابعته



وقامت نهي مسرعة لاعداد كوبين من الشاى الساخن وأصبحت كما إعتادت مؤخرا تعدد نواياها فى كل شىء تفعله ،وجلست كل من نهي ووالدتها بعد أن امسكت كل منهن بمشروبها الساخن، ولم يعد يقطع صمت المكان سوي صوت رشفاتهم منه ، وهذا الصوت المؤثر الخارج من هذا الجهاز الصغير

والذى كان يحمل لنهي مفاجأة لم تكن لتتوقعها ،


******************************


وكانها على موعد معه ليخبرها بكل ما يخبئه لها القدر
فكان الشيخ يتحدث عن حكمة الابتلاء وفضل الصبر عند نزول البلاء وبدأ فى سرد بعض قصص السلف الصالح

وظل يعدد ويحكى وكل من نهي ووالدتها قد إرتكزت أعينهم على تلك الشاشة حتي وصل الحديث لقصة صحابية عُرفت بأن مهرها الاسلام وهي أم سليم


الشيخ : ومن نماذج المبتلين الصابرين ، السيدة أم سليم صحابية من صحابة الرسول صلي الله عليه وسلم ، وكانت متزوجة من أبا طلحة الأنصارى وقد رزقهم الله بطفل سموه أبا عمير وكانوا يعيشون فى سعاده لا توصف ، وكان ابا طلحة متعلق جدا بولده ،وشاء الله أن يمتحنهم بهذا الطفل الجميل ومرض الولد مرض شديد ، وخرج ابا طلحة ذات مرة

فمااات الولد ،وتلقت أم سليم موت ابنها بصبر وثبات
وعندما عاااد أبا طلحه وسألها : كيف حال الغلام ؟؟

أم سليم : ســــكن

ففهم أبا طلحة انه نااام ولكنها كانت تعنى انه استراااح
وتزينت له بأبهي ما تكون وقضت معه ليلتها

ثم قالت له : يا رجل أرايت ان كان لاحد من جيراننا عندنا وديعه أنردها اليهم ؟؟

فاجابها : نعم

فأكملت : أفرايت إن طال الزمن ؟؟

فأجاب : هذا أولى أن تؤدي

قالت : فإحتسب إبنك لقد استرد الله وديعته

فيكمل الشيخ بصوت شجى : هااا يا إخوانا نعرف نكون صابرين كده

نعرف نثبت كده عند نزول البلاااء؟؟
ها يا اختى تعرفي تكوني زى أم سليم ؟؟ تعرفي تصبرى على فقد عزيز عندك كده؟؟

وهناااا ترمق نهي والدتها بنظره حانيه وتود لو تصرخ وتقول لها .. كونى هكذا يا امي ، إصبرى واحتسبي ، وتقرر أن تحاول إخبارها بعد انتهاء البرنامج

وما هى الا دقائق قليله حتي انتهى الشيخ من كلماته واختتم كلامه بدعااء زاد معه تأثر تلك الوجوه التي أغرقتها الدموع

وما ان انتهي وعادت كل من نهي ووالدتها لحاله السكون السابق حتى بادرت نهي وألقت براسها المتعب فى حضن والدتها وكأنها تريد ان تجلب له مساعده خارجية تحتمل معه كل تلك الافكار

نهي : ياااااااااه يا ماما قد إيه حضنك واحشنى ونفسى أنام فيه زى زماان

الأم : كبرتى يا نور عينى وبقيتى عروسه خلاااص عقبال لما اشوف ولادك وانتى واخداهم فى حضنك يا عمرى

نهي : مهما كبرنا يا ست الكل هنفضل جوه حضنك صغيرين قوى ، ربنا ما يحرمنا منك ولا من حضنك ابدا

وفى محاوله منها لفتح الحوار

نهي مُتابعه حوارها : انما مقولتليش بقي يا ست الكل ، إيه رأيك فى الحلقه النهارده

الأم بملامح جمعت بين الألم والرضا : ومين ميتمناش يكون من الصابرين يا نور عينى ، كل اللى ربنا كاتبهولنا خير سواء خيره او شره ، وأكيد بيكفر بيه ذنوبنا او بيعلى قدرنا عنده ،لكن البشر ساعات بتفلت منهم زمام الأمور ومبيقدروش يتحكموا فى نفسهم لحظة نزول البلاااء وزى ما قال الشيخ إنما الصبر عند الوهلة الأولي ، ربنا يرزقنا الصبر ويجعلنا من أهله ، ويجعلنا ممن قال فيهم الله سبحانه وتعالي ، إنما يوفي الصابرون أجرهم بغير حساب ، ربنا يثبتنا عند نزول البلااء احنا وسائر المسلمين

نهي : وإيه رأيك فى الصحابية أم سُليم وموقفها تجاه موت ابنها وتجاه زوجها ؟؟

الأم : واحنا نقدر نتكلم عن الصحابه نقول ايه ، ربنا يثبتنا زى ما ثبتهم
، ثم تتابع كلامها وقد ارتسمت معالم التأثر عليها وأصبحت تداعب خصلات شعر نهي وكأنها عادت زمنا الى الخلف

أصعب شعور على قلب الأم انها تفقد ابنها ، شوفى ازاى من اول حملته وهنا ًعلى وهن ، تسع شهور وهو جوه منها بياكل ويشرب ويحس ويتحرك ويتنفس

حاسس بكل نبضه فيها وهى حاسه بكل نبضه فيه ، وبعدين تستنى خروجه وده الأصعب روح بتخرج من روح وبكل ألالام الولادة دى لكن تلاقيها اول سؤال تسئله ابنى فين ؟هو كويس ؟

ومترتاحش الا لما تروى عينها بشوفته
وبعدين تقضى سنتين فى رضاعته واحساسها بيه وانه حياته متعلقه بيها واكله معاها هى وبس

وبعدين تبتدى تشوفه بيحبى وبيمشي ويكبر ويتكلم

ياااااه يا نهي ، رجعتينى لزماااان قوى ، شوفى بقي انتى كل ده وحاولى تقيسي وجع اى أم بتفقد أبنها وحرقه قلبها عليه

نهي : بس احنا لازم نقتدى بالصحابه يا ماما ، طبعا اكيد الموقف صعب والابتلاء شديد
بس برده سرد القصص دى مغزاه الحقيقى اننا نتعلم منهم مش بس نتعرف عليهم
وكل ما كان الابتلاء شديد وكل ما صبر الانسان كل ما زاد قدره ومكانته عند ربنا

الأم : ونعم بالله ، ومين ميتمنااش يكون من الصابرين ، بس عمرك ما هتلاااقى ام نفسها تجرب الابتلاء ده
بكره تجربي الضنا وان بس مجرد التفكير فى فقد اى حد منهم مش هتقدرى عليه
مش اعتراض مننا على مشيئة الله ، ربنا يعفو عننا ويغفرلنا ، لكن لو بايدك تديهم من عمرك ولا تشوفى حد منهم بس بيشكى من وجع
ربنا يحفظ ولاد المسلمين جميعا ويحفظكم ويخليكم ليه
وتحضن الام نهي بقوة وكانها استشعرت فراااقها ، وتبكى وتقول ربنا ما يحرمنى من وجودكم حواليه


وتتيقن نهي انه لا سبيل لها ، وتقرر أن تنهي الأمر والا ترهق تلك القلوب بمرضها

وأن تكتفى لهم بالدعاء بالصبر على فراقها وان يرزقهم الله الثبات عند نزول البلاااء

وتبادل امها لحظات العنااق الملتهب ، ثم تردف قائلة فى محاوله منها لتلطيف الجو

نهي : هااا بقي ، خطتنا ايه بكره ان شاء الله ، عاوزين نعمل شويه زيارات كده قبل السفرمن باب صلة الرحم

الام : ان شاء الله ، نعملها سوا احنا وبابا هو بكره هيقضى اليوم معانا

نهي : طيب كويس قوى ، عشان كمان يستريح قبل السفر ، عارفه يا ماما

الام : خير يا نور عينى

نهي : مع اني بخاف قوى من البحر ، بس مبسوطه ان بابا اختار لنا الباخره عشان نسافر بيها

الام : هو حب انه الرحله يكون ليها ذكريات حلوه ونستعد نفسيا قبل ما نروح نعتمر
يعنى الباخره هتدينا فرصه للتأمل ، والتفكر ، وهتدينا وقت اننا نهيء نفسنا للعمره

نهي : عندك حق يا ماما ، ربنا يباركله بابا دايما افكاره كلها جميله

الأم : ربنا يخليهولنا ، واحنا نسوى ايه بس من غيره

نهي : يا سيدى يا سيدى ، فينك يا حج كااامل تسمع وتشوف

الام : يا غلباويه ، مفيش فايده فيكى ، لسااان ولماااضه بس عسل

نهي : عسسل برده ، ماشي شكلها عسل اسود بس مش مشكله اهو اسمه برده عسل

الام : لا يا حبيبتى دانتى عسل أبيض ومكرر كماان


*********
وتبيت نهي ليلتها وقد قررت أن لا تفاتحهم فى أمرها ، وان تحاول قدر إمكانها اسعاد تلك القلوب


تـُرى ما الذى تحمله الاحداث لنهي ؟؟؟


الأحد، 12 سبتمبر 2010

الرسالة الرابعة

( 4 )


 







وأثناء ذلك ، جاءتها فكره لم تكن تهتم بها من قبل كثيرا ، كانت على علم بها ولكنها لم تتعود على ممارستها



وهى أن تـُعدد النوايا فى رحلة بحثها

 



واصبحت كطفل صغير يداعب ذاكرته فى محاولة لتذكر ما تعلم






 

ودار حوار صامت بينها وبين نفسها : ما هى النوايا الممكنه فى شراء هدايا لابى وامي ؟؟











اولا : من باب بـر الوالدين











ثانيا : أدخال السرور على قلوبهم











ثالثا : من باب تهادوا تحابوا كما علمنا الحبيب











رابعا : وصمتت قليلا ً وتعلق نظرها بأحد المحلات ثم صاحت











وأخذ ثوااااااب عمرتهم وإعانتهم على الخير











ودخلت مسرعة الى ذلك المحل واشترت لهما ثياب العمرة











وخرجت وهى مسرورة جدا بهداياها لهما وبتيسير الله سبحانه وتعالى لاختيار هديه طيبه لهما











وفى طريق العودة لمنزلها ،











غلبها صمتها واصبحت تتفكر فى كل الاشياء حولها وكأنها تراها لاول مره











وكيف انها طول الطريق أصبحت تحمد الله كثيرا على نعم متعدده وهبها اياها











ربما حُرم منها غيرها ولكنها لم تكن تنتبه كم هى نعم وفيرة وهبها الله لنا











فأصبحت عيناها وكأنها تري الاشياء بعين جديده











*************************************











وتعود نهي إلي المنزل وقد أخفت هداياها لتفاجيء بها والديها بعد طعام الغداء











وتدخل كعادتها الايام الماضيه برسم تلك الابتسامه الوهميه لتظل كما عهدها الجميع











نهي فى حركات هادئه حتى لا تشعر والدتها بقدومها : ياتري القمر بيعمل إيه ؟؟











وتطبع على جبهتها قبله مفاجئة











الأم متفاجئة : بسم الله .. مش هتبطلي شقاوة .. طيب ايه رأيك انتى محرومه من الغدا











نهي : وههون عليك برده يا قمر











الأم فى استسلاام يصاحبه ابتسامة رضا : أعمل ايه بس ياربي .. متهونيش طبعا يا نور عينى











بس بطلى شقاوتك دى انا مش حمل حركاتك دى











نهي فى طاعه مزيفه : طلباتك أوامر يا ست الحبايب .. بس مش أوعدك











هاااااا بقى محضرلنا ايه ع الغدا ؟؟؟











الأم : كل اللى نفسك فيه يا عيوني











نهي : اممممممممممممم باين من العنوان .. الروايح تجنن ، انا شكلى كده هاااكل صوابعى ورا الأكل











الأم : طيب يا غلباويه ، لحد ما تغيرى هدومك وتصلى يكون بابا وصل بالسلامه











ويكون الأكل جهز ع السفرة











نهي : طيب يا قمر ، هروح أغير وأصلى وأجى احضر معااكى السفره











وعلى فكره أنا أخدت أجازه شهر من الشغل ، يعنى خلاااص فضيتلك يا قمر











فطااااار وغدااااا وعشااااااا











الأم : بس شهر مش كتير ؟؟ ، احنا يدوب رحلتنا هتكون 15 يوم بس ان شاء الله











نهي : ما أنا قلت أريح بقية الشهر ، حاسه انى نفسي أقعد معااكم أكتر وقت ممكن











الأم فى قلق من نبرة نهي : مالك يا نور عينى ، انتى فيكي حاجه ؟؟ تعبانه ؟؟











نهي وقد شعرت بوقع كلماتها : لا يا ست الكل ، بس حاسه انى كنت مشغوله عنكم بشغلى وبالكمبيوتر ، يعنى مقصره فى حقكم شويه كده ونفسي اشبع منكم











الأم ولم تطمئن لكلام نهي : اوعى تكونى تعبانه يا نور عينى ومش بتقوليلى











نهي فى استدراك للأمر : تعبانة ايه بس .. ما أنا زى الحصان اهو











شفتى بقى أهو الكلام خدنا ولا هغير ولا هصلى ولا هحضر معاكى الأكل











الام وقد لمعت عيناها: ربنا يحفظك ويحميكى يا نور عينى انتى واخواتك يارب











نهي : ايه الدراما دى بقى ، أنا زى الفل يا ست الحبايب . ميبقاش قلبك خفيف كده











الأم : طيب يلااا روحى غيرى هدومك قواام .. بابا خلاااص على وصول











نهي : حاضر يا ست الحبايب











وقد أيقنت نهي انها ستواجه الكثير من المتاعب لتخبرهم بامرها .. فما وقع خبرها هذا على ذلك القلب الحااانى الذى انتفض فور سماعه مجرد كلمات تحمل بعض معانى الشوق والفراق











وذهبت لتبدل ملابسها وتصلى وتدعو الله أن يعينها علي أمرها











وبعد عدة دقائق . عادت نهي لتساعد والدتها ووجدتها قد أعدت كل شىء ولم يعد ينقص











غير عودة الحج كامل











نهي : ما شاء الله والله ولا أجدع شيف يا ست الحبايب ، يا بختك يا حج كامل











الأم : آه منك انتى ، لسان وطلعله بنى ادم











نهي ضااحكه : لا والله بجد يا ماما ، ماشاء الله عليكى ذوق عالي قوى











شكل السفره يفتح النفس فعلا للأكل











الام : عقبال لما تحضرى سفرتك ان شاء الله وتكونى أشطر منى











نهي : كله بامر الله يا أمى ، بس بلاااش أشطر منك دى ، احنا هنضحك عليه من أولها كده











ده يحمد ربنا بس لو عملتله صنفين من دول وحطيتهمله على صنيه











وفى تنهيده طويله تتبعها حركات تمثيليه ضاحكه : قطيعه محدش بياكلها بالساهل











والله كتر خيرى بتعب اهو .. ***هه











الام ضاحكه : انتى ، دانتى الذوق كله ، وبكره تقولي ماما قالت











انتى هتبقى أحن زوجه فى الدنيا











نهي فى محاولة لتغيير الموضوع : هو الحج كامل اتاخر ليه كده











انا عصافير بطنى عامله حرب جوه











الام مداعبه : زمانه على وصول ، مش بقولك انتى لما بتبقى جعانه ولا بيهمك يا بتاعة النور انتى











نهي ضاحكة فى كسوف مفتعل : ايه ده ، هو الواحد ميعرفش يقوله كلمتين فى البيت ده !! الواحد بعد كده ياخد باله من كلامه .. ده فى ردار فى البيت وممكن يكتبلنا مخالفه ***ه











ويقطع ذلك الحوار صوت فتح الباب وقد وصل الحج كامل











الحج كامل : السلاام عليكم











نهي والام معاً : وعليكم السلااام ورحمة الله وبركاته











الام فى نظرات حانيه : حمدلله على السلامه يا حج











الحج كامل مبادلها نظراتها : الله يسلمك يا ست الكل











نهي : احم احم ، نحن هنااا ، تحبوا أجيبلكم شجرة واتنين لمون











الحج كامل : ازيك يا غلباويه ، إمتى نخلص من لسانك ده ؟ وتطلعى شقاوتك دى على حد غيرنا











نهي : طيب ليه بس كده ، ده انا حتى بخدمك يا سي بابا وبقولك شجره واتنين لمون أهووعاملالك جو رومااانسي











الحج كامل : طيب يلااا نااكل بقى أصلنا مش هنخلص من لماضتك











نهي : طيب يا سي بابا ، شوف بقى الست حرمكم المصون عاملالك ايه ع الغدا











متوصيه بيك ع الآخر ، يا بختك يا عم ، محدش لاقى دلع كده اليومين دول











الحج كامل : وهو فى زى والدتك ، ربنا ما يحرمنا منها أبدا











نهي : اللهم آمين ، ربنا يخليهالنا يارب











الأم وقد إحمر وجهها و ذابت خجلاً: ولا يحرمنى منكم ، يلااا بقى كلوا ولا هنقضيها دعاوي











وبدأ الجميع فى تناول الطعااام











وبعد الانتهاء ، ذهبت الأم لاعداد الشاى حتى يعود الحج كامل الى عمله











وذهبت نهى الي غرفتها ، لتعد للمفاجأة التي أحضرتها معها .











وهى تعدها جاءتها فكرة أن تضع لكل منهما كلمة فى هديته ، تعبر فيها عن مدى حبها لهم











والذى فى كثير من الاحيان يضيع بين مشاغل الحياه فيمر العمر دون ان نذكر لمن حولنا عن مدي حبنا لهم















وكتبت لوالدها : أبي الحبيب ، لا أعرف كيف أشكرك على اهتمامك بتحقيق رغبتى لطالما كنت دوما هكذا معنا ، فنحن أولا دائما لديك ،











ولاننى ساكون هناك بعد فضل ربى علينا بمساعدتك ، فاردت أن تكون أنت أيضا هناك وفيك شيء منى











فما وجدت أجمل من أهديك بثياب العمرة











أبي يمر العمر بنا ، وربما تتوه منا بعض الكلمات التي يجب أن نتبادلها ، ربما يعرفها كل ُ منا فى الآخر ولا يحتاج لسماعها ، ولكن نحتاج دائما أن نعبر عنها بكلمات تحملها الذاكره











أبـــي ، لم أجد بين الكلمات ما يعبر لك عن مدي حبي العميق لك











ولكن .. يكفينى اننى منك ، وهذا شرف لي











حفظك الله دائما لي ولامى ولاخوتى أحبك يا أغلى الناس















وكتبت لوالدتها : أمي الحبيبة ، لن تصف كلماتى ، ولا مشاعرى ، مدي أهمية وجودك فى حياتى انا واخوتى وابي ، فلا تخيل للحياة دونك











فأنتى بعد منة الله علينا من رسم فينا كل طبع طيب وجميل ، من حث فينا قرب الله وطاعته











أمي ، لن تنتهى الكلمات ان بدأت بوضعها











ست الحبايت ، بحثت كثيرا عن شىء منى أهديه إليكى ، وما وجدت خير من أن تضعى عليكى ثوبا











أهديه إياكى وانتى تطوفين ببيت الله ،











تتوه كلماتى حينما اوجهها إليكى ، ولكنى أردت ان أبادلك جزءا بسيطا من عطاياكى التي لاتنقطع











لا حرمنا الله منكى يا اغلى الحبايب .. أحبك يا امي











وبعد أن انتهت من كتابة كلماتها ، حملت هدايا وقد أخذت نفسا عميقاً وخرجت من غرفتها











نهي مخفية هداياها وراء ظهرها : بابا ، ماما ، من فضلكم خليكوا معايا دقيقتين











الأب والأم فى تعجب : خير يا لمااضه هاانم











نهي : بصراااحه يعنى ، كنت يعنى ، عاوزة أقوووول ....











الأب والام : هااااا قولي ...











نهي : طيب هقول أهو ، متزوقوش بس











وبدأت فى الحديث وقد حملت معالم وجهها بعض الجديه











اولا مجتش فرصة اشكرك يابابا ع المفاجاة الجميله اللى حضرتها إنت وماما











من ورايا .. جزااك الله عنا كل خير وربنا يجعلها ان شاء الله فى ميزان حسناتك











أنا عارفه إن حضرتك سعيت فى العمرة المرة دى عشاانى انا











ربنا ما يحرمنى منكم ، ويخليكم ليه











ثانيا يعني : كان نفسي أعبر لكم عن شكرى ده بطريقه عمليه أكتر فجبتلكم حاجه بسيطه كده على قدى











وأعطت كل واحد منهما هديته وقد طبعت على جبهة ويــد كل منهم قبلة ساخنه











لمعت معها فى عينيها تلك الدموع التي حاولت اخفاؤها طيلة كلامها معهم











ولم يمتلكا الأب والام إلا أن احتضناها سويا ودعيا الله أن يكرمهم فيها











وتعانق ثلاثتهم فى لحظة اختلطت فيها المشاعر بالدموع















وبعد تلك اللحظات التي أثرت مشاعر كل منهم ، إنصرف الحاج كامل مجددا لعلمه ،وانشغلت كل من نهي ووالدتها فى إعداد العدة للسفر، فلم يتبق سوي يوما واحدا فاصلا ً بينهم وبين تلك الرحلة التى طاقت لها أنفسهم .











وبعد ان فرغت كلتاهما من إعداد لوازم السفر ، والتي أنهكت ما تبقي لهم من قوة











جلستا أمام شاشة التلفاز لمتابعة احد البرامج الدينيه التي إعتادتا متابعته











وقامت نهي مسرعة لاعداد كوبين من الشاى الساخن وأصبحت كما إعتادت مؤخرا تعدد نواياها فى كل شىء تفعله ،











وجلست كل من نهي ووالدتها بعد أن امسكت كل منهن بمشروبها الساخن، ولم يعد يقطع صمت المكان سوي صوت رشفاتهم ، وهذا الصوت المؤثر الخارج من ذلك الجهاز الصغير











والذى كان يحمل لنهي مفاجأة لم تكن لتتوقعها..........















تــُري ماهى تلك المفاجئة ؟؟؟











وهل ستدفع نهي لاتخاذ قرار جديد ؟؟











وهل ستنجح فى تنفيذ ما عقدت العزم عليه؟؟