السبت، 27 نوفمبر 2010

الرسالة الثانية عشر


وبدأ الجميع فى الاستعداد للآحرام وكأن كلمة القبطان كانت بمثابة صفارة البدء ، وبدأ المعتمرين فى القيام بواجبات وسنن الإحرام من الغـُسل والتطهر وقص الاضافر ثم المجاهره بقول " لبيك اللهم عمره " ثم ترديد التلبية فى كل فعل وقد تملكت الأجساد رجفة اللحظة
وبدت الباخره بمعتمريها كسحابه بيضاء تـَجَـمّع فيها خير المطر الذى أصبحت الأرض فى شوق اليه
وأخرجت نهي زيها الذي إختارته للعمره ، وأصبحت تنظر له واستشعرت بانها لم تملك زيا ً أغلي منه فى عمرها
وتذكرت حديثها هي ووالدتها عن الاعتقاد الخاطيء عند بعض النساء بوجوب اختيار زى الاحرام بلون محدد .
وعن رغبتها هى بإختيار اللون الأبيض لما فيه من راحه تجعل القلوب تستشف منه نقاءه وصفاءه
حملت زيها وهى تردد التلبيه ، وقلبها ينتفض من جمال تلك اللحظه التي تداخلت بها كل ما عرفت من مشاعر
دموع وبكاء ، ضحكات وابتسامات ، شوق وحب ، خوف ورهبه
لحظة ربما لن يـُقـَدَر لها أن تحياها مره أخري
وبعد أن اغتسلت قالت بصوت خفيض لبيك اللهم عمره ثم تلت نيتها المعلنه ركعتين بنية سنة الوضوء
ولم يمر كثير من الوقت حتي أعلن ميناء جده عن إحتضانه لضيف جديد حمل علي ظهره سِرب من الملبين المتشحين بملابس الاحرام التي تعكس ضياء قلوب أزاد نورها حب الله والشوق للقاءه
وأصوات التلبيه تملأ أرجاء المكان ، وبدا كل فوج يتوجه الى الأتوبيس المخصص له للقيام برحلة جديده تحملهم الي أنوار الحرم المكي
وركب الحج كامل مع اسرته بعد أن ودع عمر علي امل اللقاء إما بالحرم وإما بالوطن ، متمنينا له كل خير ..
وركب الجميع .. والألسنه لا تتوقف عن التلبيه والصلاه على الرسول مما زاد الوجوه إشراقا وزاد القلوب شوقا

لحظة الوصول

  

مر الوقت هذه المره سريعا ً كانت تسابقه فى سرعته نبضات القلوب المشتاقة ، وأصوات التلبيه التي لم تنقطع طوال الطريق
ووصل الاتوبيس الي مقره الأخير بجوار فندق تفصلة بضع خطوات عن الحرم المكي
وحمل الجميع أغراضهم وتوجه كل ٌ الي غرفته ولكن لم تحتمل القلوب شوقها فبرغم مشقة الطريق الذى برغم انه لم يكن مزدحم كثيرا الا ان الرحله استغرقت أكثر من سبع ساعات وبرغم ذلك قرر الجميع التوجه مباشرة الى الحرم بعد الانتهاء من وضع اغراضهم بالغرف المخصصه
واصطحب الحاج كامل زوجته وابنته التي من فرط شوقها امتلكتها رجفة اللقاء فاستوقفها والدها لتذكيرها بأن لها دعوه مستجابه عند رؤيتها للكعبه لاول مره ، ثم احتضنها فى رفق وقال لها : ها هو حلمك الذي طالما حلمتي به يتحقق ، هانتى بين أرجاء الحرم ، على الأرض التي شـَرُفـَت بأشرف الخلق ، وهاأنتى على مقربه منه وستزوريه ، فافعلى كل ما حلمتي به
قال كلماته وهو الآخر يبكى من فرط شوقه الذى يزيد كل مره عن سابقتها
مذكرا ً نفسه واياها بجمال المكان ورهبة اللقاء وطـُهر الارض
ونهي تستمع لكلماته ولم تعد تمتلك الا دموعها الساخنه
وبدأ الجميع بالتحرك نحو الحرم والقلوب تتحرك معهم فتكاد الأرض تسمع دبيبها داخل الاجساد ، ولا تتوقف الألسنه عن التلبيه فى كل حركه وكأن التلبيه أصبحت النـَفـَس الذى يخرج ويدخل ليحافظ على وجود الحياه داخل اجسادهم
وعلى أحد أبواب الحرم ، رأت نهي ذلك النور الساطع الذي يخرج من أرض الحرم ، فزاد دبيب قلبها ، وارتعشت اطرافها ، وانسالت دموعها لترطب حرارة وجهها الذى ازداد حمره وبريقا ً وكأن نور الحرم إنعكس على وجهها فزاده ضياءا ً
وأخفضت بصرها حتي تصل إلي الحرم فترفعه وتراه للمره الاولي فى حياتها رأى العين وليس مجرد صوره من خلال التلفاز أو فى مواقع الانترنت
وبحثت بداخلها عن الدعوه التي ستلقيها فور رؤيتها الكعبه ، فهناك الكثير من الدعوات تريد أن تدعوها ، ولكن يجب أن تحدد أولى دعواتها
وتنازعت نفسها ما بين أمورها الشخصيه .. وما بين طلبات الدعاوى التي انهالت من الجميع عليها فور علمهم بسفرها .. وبين أن تدعو لوالديها بالصبر على فراقها ما أن أمر الله بلقاءه
وبينما هى غارقه فى تلك المنازعات ولسانها لا يتوقف عن ترديد التلبيه وكأنه أصبح يعمل دون اللجوء لاى إشارات تذكره بعمله .. حتى واجهت الحرم .. وأخيرا .. لحظة اللقاء التي طالما انتظرته
فرفعت بصرها لترى هذا البيت الذي التف حوله الالاف من جميع بقاع الأرض ، واذ بلسانها ينطلق بدعوه لم تحسب حسابها فى منازعتها وكانه تيسير الله لها فقالت : اللهم ان هؤلاء عبيدك شدوا رحالهم اليك من شتى بقاع الارض توحدت ألسنتهم بذكرك وقلوبهم بحبك وأجسادهم بالطواف حول بيتك .. ولكنهم خارج حدود حرمك مشتتين ومتفرقين ومنقسمين ..اللهم أصلح حال امه محمد حبيبك ، اللهم أجمع شتات هذه الامه وأرزقهم القوة لنصر دينك ، اللهم أعز الاسلام بنا كما أعززتنا به ، اللهم اننا أصبحنا ضعفاء وتكالبت علينا الامم ، فارزقنا القوه لنصر دينك واجمع المسلمين حول كتابك وسنة حبيبك ، اللهم ان أمتنا اصبحت فى شتات وتفرق ، فاجمع شملنا ، اللهم أمين
ثم تابعت المسير برفقة والديها فى اتجاه الحرم وقد حافظت على ترطيب لسانها مابين ترديد التلبية تارة والدعاء تاره أخرى ، حتى وصلت الى أرض الحرم واستقبال الحجر الأسود لبدء الطواف ثم بدأت تردد :
بسم الله والله أكبر، اللهم إيماناً بك، وتصديقاً بكتابك، ووفاء بعهدك، واتباعاً لسنة نبيك محمد صلى الله عليه وسلم
وبدأت طوافها وكان يفصلها عن ملامسه الحرم جموع الطائفين حوله ، ثم بدأت في الإقتراب منه أكثر فأكثر وكأن هناك شيء يفسح لها مجالا ً لتقترب وتقترب حتى أصبحت أنفاسها الساخنة مواجهه للجدار فإستشعرت قربها أكثر فاكثر من الله

***

وفى البدايه لم تستشعر وحدتها مع الله ، فكان بجوارها وحولها آلالاف الملبين ، وكلٌ يدعو بلغته ، ولم تعتاد من قبل أن تدعو الله وهناك من يسمع مناجاتها اليه، فشعرت بقليل من الارتباك ، وحتى تذيب ما شعرت به داخلها أصبحت تتأمل أحوال العباد ما بين ملبي ، وطالب حاجه ، وداعى ، وراجى رحمة وعفو الله
فوجدت أن هناك من لا يملك من الكلمات غير قليل الزاد ولكنه يعلم ان الله يعلم حاجته فتشبث بكلمه يارب وكأنه لم يتعلم من الكلام غيرها فصار يرددها حتى كادت الأرض تنطق بها تأمينا لدعائه ، وآخرلم يساعده لسانه بنطق الحروف بطريقه صحيحه لعدم امتلاكه اللغة العربية بمفرداتها فخرجت كلماته ثقيله غير مفهومه ولكن كانت عبراته تحكى ما عجز لسانه فى روايته ونثر فى الأرجاء شوق جاء بعد طول سنين ، وهناك من انطلق لسانه بفيض من الدعوات والدموع والرجاء فى الله سبحانه وتعالى
فحمدت الله ، فالكل جاء رغبة فى القرب ، الكل يدعو ، من يعلم ومن لا يعلم ، الجميع يردد ويطوف ، الجميع متوحدين هنا ،
وحمدت الله كثيرا ً على انها تحسن العربيه ، فكثيرين لا يعرفون كم هى نعمه عظيمه امتلكوها وأصبحوا يفرون منها بنطق الكثير من الكلمات الأجنبيه وكأنها هى اللغه الفائزة أو نوع جديد لإعطاء قيمة للشخص
وتذكرت تلك السيدة ذات الملامح الآسيويه والتي كانت تجلس بجوارها وهي تقرأ القرآن على الباخره ، وكيف طلبت منها أن تقرأ بصوت أعلى قليلا لكن تتمكن من سماعها فهى لا تجيد العربية ولكنها تحب أن تسمع القرآن وتذكرت دموعها التي أنارت وجهها حينما أخذت فى التلاوة لها، وفى النهايه أهدتها سيل من الدعوات وقالت لها أنها سوف تتعلم كيف تقرأ العربيه حتى تستطيع القراءة مثلها .
ثم حملتها أفكارها الى تفكير جديد وتساءلت ، ما الحكمه التي أرادها الله بتجمع كل هؤلاء حول البيت أهو اداء ركن مهم من أركان الإسلام وهو الحج ام أن هناك أيضا شىء عظيم يريد الله سبحانه وتعالى أن يجعلنا نفطن له
ثم استشعرت ان الطائفين كجسد واحد ، جميعهم يطوف ويلبي بحركه واحده ، وكأنهم يتحركون سويا
وتذكرت حديث الرسول
" مثل المؤمنون فى توادهم وتراحمهم كالجسد الواحد إذا إشتكى منه عضو تداعى له سائر الأعضاء بالسهر والحمى "وهنا استشعرت أن البيت الحرام كبيت كبير يجمع كل أبناءه حوله وان هؤلاء جميعا اخوتها ، وتذكرت بيت العيله الذى كان يصطحبهم والدها اليه هى واخوتها ليتجمعوا هو واخوته فى بيت العائله كما أطلقوا عليه ،والذى طالما حافظوا على وجوده ،وكم كان له قيمه عظيمه فى قلوبهم ، فهناك كان يتم مناقشه كل أخبار العائله وان كان أحدا منهم يمر بأزمه يفكروا سويا كيف يمكنهم مساعدته للخروج منها ، وليس فقط هذا وانما وأرادوا ان يغرسوا بنا جميعا نحن وأولاد أعمامى وعماتى اننا اذا ما حافظنا على تماسكنا ببعض سنظل أقوياء
وهنا إستشعرت نهى حنين جامح فاض منها لكل من حولها ، فهم إخوتها كما استشعرت فيجب أن نشعر ببعض وان نوحد صفوفنا ، وان نساعد اخوتنا
كم هو شعور جميل أضاف اليها مزيدا من النور والبريق حملته بين مـُقلتيها ، ولكم ارادت أن تحضن جميع من حولها وتبلغهم ما فهمته
ثم أصبحت تطوف وهى تحمل بين جوانبها قلبا أصبح ينبض لكل ما يدور حولها واستشعرت معية الله سبحانه وتعالى وذاب ما كان بها من ارتباك وصارت تردد
نهي : يا رحمن ، يا رحيم ، يا مالك الملك والملكوت ، الهنا ، نقف على بابك يا كريم
فلا تردنا ، اللهم انا مقصرون ومذنبون ولكن رجائنا فيك فان لم نكن أهلا لرحمتك فرحمتك اهلا لأن تشملنا ، اللهم اغفر لنا تقصيرنا ، واغفر لنا ذنوبنا ، واجمع لنا شملنا
اللهم من اعتز بك فلن يذل
ومن اهتدى بك فلن يضل
ومن استكثر بك فلن يقل
ومن استقوى بك فلن يضعف
ومن استغنى بك فلن يفتقر
ومن استنصر بك فلن يخذل
ومن استعان بك فلن يغلب
ومن توكل عليك فلن يخيب
ومن جعلك ملاذه فلن يضيع
ومن اعتصم بك فقد هدى إلى صراط مستقيم،
اللهم فكن لنا وليا ونصيرا ، اللهمَّ إليك نرفع ايادينا ، راجين عفوك وكرمك
من لنا ان لم ترحمنا وتعفو عنا
من لنا إن لم ترضي عنا
من لنا ينصرنا وانت غاضب علينا
من لنا سواااك يارب
اللهم أجعل لنا من كل خير نصيباً، وإلى كل خير سبيلاً برحمتك يا أرحم الراحمين
اللهمَّ أنت الحليم فلا تعجل، وأنت الجواد فلا تبخل، وأنت العزيز فلا تذل، وأنت المنيع فلا تُرام، وأنت المجير فلا تُضام ، وأنت على كل شيء قدير.
اللهمَّ لا تحرمنا سعة رحمتك، وسبوغ نعمتك، وشمول عافيتك، وجزيل عطائك، ولا تمنع عنا مواهبك لسوء ما عندنا، ولا تُجازنا بقبيح عملنا، ولا تصرف وجهك الكريم عنا برحمتك يا أرحم الراحمين
واكملت السبع اشواط وهى ما بين دعائها الذى تنوعت فيه ما بين رغباتها ووصايا الاهل والاصدقاء وبين الدعاء لنهضة الامه ونصر الدين وترديد التلبيه
ثم توجهت لأداء ركعتين فى مقام إبراهيم عملا بالآيه " وَاتَّخِذُوا مِنْ مَقَامِ إِبْرَاهِيمَ مُصَلّىً "
ثم عادت فاستلمت الحجر الاسود مره أخرى لبدء السعي ، وقد أعددت فى نفسها أن تجعل لكل شوط نية كالدعاء تارة ، والاستغفار تاره ، والتفكر تاره
حتى أنهت أشواطها ما بين الصفا والمروه متذكره كم شَرّفَ الله سعى السيدة هاجر وكيف أنها لم تيأس فى أن تجد ماء لرضيعها وظلت تذهب وتجيء وليصبح ما قامت به شعيره مهمه لآداء الحج والعمره ويفعل فعلها اليوم جميع المسلمين .
وانهي الجميع سعيهم وقد تملك منهم التعب والارهاق وأصبحت الاجساد تشتاق الى قليل من الراحه ولكن الأرواح مازالت معلقه بمزيد من الشوق الي قرب الله
وعادت نهى مع والديها دون ان يحل أحدهم إحرامه بنية القيام بعمرة اخرى قبيل سفرهم الى المدينه المنورة
ومرت أربعة أيام منذ وصولهم أرض الحرم ، قضتها نهى وهى تعجز عن وصف ما بها من سعادة وشوق ورغبة فى عدم الرحيل
ولكن هكذا دوما ، تمر الايام السعيده مرور الكرام ، فتنقضي قبل أن نفيق أنها قد آتت ..
ورحل الجميع تاركين على ارض الحرم عبرات تطهير وشوق ، حاملين بجوانبهم أرواحا ًجديده تعملت معني قرب الله ، وقلوبا أصبحت فى شوق للسلام على الحبيب
***

الأربعاء، 24 نوفمبر 2010

الرسالة الحادية عشر

(11)
 
 

وإنصرف عمر وقد حمل وجهه شرودا ً لاحظه رفقاؤه
أحمد : مالك يا عمر ؟؟

عمر ومازال محتفظا ً بشروده : .................

أحمد : عمر ؟؟


عمر : ................

أحمد وهو يهز كتف عمر : ايه يا بنى مالك ؟؟

عمر فى غير انتباه : فى ايه يا احمد ؟؟

أحمد فى تعجب : فى ايه يا أحمد !! بقالي ساعه بكلمك وانت ولا هنا ، مالك ؟؟

عمر : مفيش

أحمد : الحج كامل كويس ، إنت مش كنت رايح تسلم عليه ، فى حاجه حصلت ، مانا عارف حياءك وتلاقيك اتكسفت تسلم لما لاقيته قاعد مع مراته وبنته

عمر : لا أبدا سلمت عليه ، وهو كويس الحمد لله ، كان مقضي اليوم مع عيلته

أحمد فى تعجب : لا يا راجل .. ده على أساس مثلا انه امبارح كان مقضي اليوم مع الدلافين ، ايه يا بنى احنا راكبين باخره مش قاعدين فى منتجع ، هو فى مكان تانى يروحه

عمر : لا أقصد انه كان بيؤمهم فى الصلاة طول اليوم عشان كده محضرش صلاة الجماعه معانا

أحمد فى إعجاب : بسم الله ما شاء الله ، ربنا يبارك فيهم ويجمعهم دايما على طاعة الرحمن
ثم يكمل ، طيب هو وكان مقضي اليوم مع عيلته وبخير.. انت مالك بقي ، جاى مش علي بعضك .. خير ؟؟


عمر : مش عارف يا أخى ، حسيت بدفء غريب جوه العيله دى ، وحاسس إني قلبي اتعلق بيهم

أحمد : طيب ده شىء يفرحك مش يخليك تزعل كده

عمر : انا مش زعلان يا أحمد ، بس حاسس بإحساس غريب

أحمد فى استفهام : إزاى يعنى ؟؟ حاسس بايه؟؟

عمر : مش عارف ، بس بصراحه نادر نلاااقى بيوت كده فى الزمن ده ، انه البيت كله يبقى متجمع على طاعه ربنا ، ده غير انهم يحسسوك كده ان فى دفء ونور وحب بيطلع منهم للى حواليهم ، يدفى أى حد بيعرفهم
حتى معاملتهم مع الناس طيبه ، سبحان الله مع اننا متقابلناس الا امبارح ، بس لما اتكلمت معاهم النهارده حسيت انهم عيلتى وبقالى زمن أعرفهم
وزوجته فكرتنى بامى الله يرحمها ، حنانها وحنيتها وطريقتها معايا فى الكلام
مع انها ممكن تكون مقالتش تلات جمل على بعض لكن حسيت بدفا غريب من كلامها ، والله حسيت انى قاعد مع أمي
حتى بنته ما شاء الله .....
وكاد أن يحكى ما رآه منها ولكن منعه حياؤه أن يتكلم عنها فصمت
ولاحظ أحمد صمت عمر وبريق عينيه فاستشعرما قد يجول بخاطره

أحمد فى دهاء : طيب ما تقرى رسالة ربنا

عمر ولم يفهم ما يلمح له احمد : أقرى رسالة ربنا !!

أحمد : آه

عمر : ازاى يعنى ؟؟

أحمد : شغل مخك شويه ، ساعات ربنا بيرسل رسالات لعباده ، وبيبقى ع العبد أنه يجتهد لفهم الرسالة اللى ربنا بعتهاله

عمر متابعا و مازال لم يصل لمغرى أحمد : ....................

أحمد : يعنى يا عمر حاول تفهم ليه ربنا عرفك بالناس دى ، وبالطريقه دى ، وفى التوقيت ده ،وليه انت حسيت بده معاهم ، مع اننا قابلنا عائلات كتير بحكم شغلنا وفيهم اللى كانوا ملتزمين نوعا ما ، بس عمرى ما حسيتك اتعلقت بحد بسرعه كده
وعمرك ما حسيت بالدفء ده مع أى عيله قابلناها، مع ان ظروف شغلنا كانت بتسمح احيانا بأننا نقعد اكتر من مره مع العيله الواحده ، يعنى شوف كده يمكن فى رساله معينه ربنا عاوزك توصلها ، استخير ربنا وفكر ، وانت تعرفها ، وادينا رايحين العمره ، ادعى ربنا فى الحرم انه لو فى خير معين ربنا باعتهولك ينور بصيرتك ليه


عمر وقد فطن الى ما يعنيه احمد وربما هذا ما كانت تحدثه به نفسه أيضا : تفتكر ؟؟

أحمد : والله احنا بنحاول نقرى الرساله لسه ، واكيد لو خير ربنا هييسرلك ، انت حد نحسبك على خير ولا نزكيك على الله ، بس بجد يا عمر انت تستاهل كل خير ، ويمكن هو ده الخير اللى ربنا باعتهولك ، وبصراحه بيت زى ده يستاهل انك تحاول وشكله كده فعلا هيكون ان شاء الله بدايه جديده ليك ، ونفرح بيك عن قريب بقي

عمر : ربنا يقدم اللى فيه الخير

أحمد : طيب يلاا بقي يا عريس ، خلينا نجهز نفسنا للإحرام

عمر : قوام خليتنى عريس ، هو احنا لسه عرفنا حاجه ، مش يمكن مخطوبه ، ولا متجوزه

أحمد : والله يا عمر ، لو ليك نصيب فى حاجه هتشوفها ، وانا قلبي حاسس انه خير ، أعمل انت بس اللى عليك ، وسيب الباقي لله سبحانه وتعالي يصرفه كيفما شاء

عمر : ونعم بالله ، الله المستعان

أحمد : وهو خير معين ، بس عاوز برده أنبهك لشيء

عمر : خير يا أحمد

أحمد : انا عارف طبعا انك مش هتعمله بس من باب التذكير لازم أقولهولك ، انت عارف إحنا اللى جمعنا وقربنا من بعض أكتر هو الاخوه والحب فى الله

عمر : خير يا بنى ، قلقتني ، اتكلم علطول

أحمد : أنا عاوزك تفكر وتدعى آآه ، وبتمنى من ربنا يكتبلك كل خير ، بس برده أوعى تخلى الموضوع يلهيك عن الهدف اللى احنا رايحينله ، عشان ميكنش مدخل من مداخل الشيطان يلهيك بيه عن أداء عمرتك وتقصر فيها ..أنا عارف انك ان شاء الله هتقدر تفصل كويس

عمر : بارك الله فيك يا أحمد ونعم الصحبه والله ، فعلا صدق الحبيب لما قال " مثل الجليس الصالح والسوء ، كحامل المسك ونافخ الكير ، فحامل المسك : إما أن يحذيك ، وإما أن تبتاع منه ، وإما أن تجد منه ريحا طيبة ، ونافخ الكير : إما أن يحرق ثيابك ، وإما أن تجد ريحا خبيثة الحمد لله ع الصحبه الصالحه ، والله دى من أكتر نعم الله على العبد لما يرزقه صحبه صالحه طيبه ، ربنا يجعلنا دايما صحبه طيبه لبعض

أحمد : اللهم آمين ، وبرده رسولك الحبيب بيقول المرء علي دين خليله ، فلينظر احدكم من يخالل
وبعدين يا سيدى انا مش مستغنى عن ظل الرحمن معاك ان شاء الله


عمر : اللهم آمين ، ربنا يرزقنا ظله تحت العرش بالحب ده ان شاء الله ويجمعنا دايما على طاعته

أحمد : طيب يلا بقي نجهز ومنخليش الكلام ياخدنا****
 
خلونا نشوف ايه اللى هيحصل ؟؟
وياتري نهي هتعمل ايه لما تروح الحرم
 
تابعوناااا
 
 

الثلاثاء، 23 نوفمبر 2010

الرسالة العاشـرة




(10)





وقضت نهي يومها ، ما بين حرصها على الصلاة جماعة فى أول الميقات ، وقراءة القرآن ، والتأمل والتفكر فى خلق الله ، وبين تدوين كل ما يدور بيومها
وحل الليل والسكون على الجميع ، وشرعت نهي فى إستكمال ما بدأته وأصبحت تحرص عليه وتخطط له ...
وقامت لتلبي نداء ربها ، فتجيبه حينما يسئل ،هل من داعي فاستجيب له ؟؟ ، هل من سائل فأعطيه ؟؟
وبدأت تناجي ربها وتدعوه ، وتحمل بقلبها ما لايعلمه سوى الله عز وجل
وبعد أن إنتهت من صلاتها ودعائها الذى صاحبتها فيه دموع الرهبه والرغبه ...، وحينما شرعت بتكملة تلك الختمه التي إبتدئتها منذ وضعت قدمها على تلك الباخرة
اذ بها تسمع صوت شجي يرتل آيات الذكر الحكيم واستشعرت انه خارج من الغرفه المجاورة لها ، فإقتربت من الجدار علها تسمعه بوضوح أكثر
وأنصتت جيدا ، فإذ بها تسمع صوت خاشع متدبر وهو يتلو- وكأنه قصدها هي ..-


وَلَقَدْ خَلَقْنَا الإِنْسَانَ وَنَعْلَمُ مَا تُوَسْوِسُ بِهِ نَفْسُهُ وَنَحْنُ أَقْرَبُ إِلَيْهِ مِنْ حَبْلِ الْوَرِيدِ (16) إِذْ يَتَلَقَّى الْمُتَلَقِّيَانِ عَنْ الْيَمِينِ وَعَنْ الشِّمَالِ قَعِيدٌ (17) مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلاَّ لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ (18)


ثم صمت قليلاً وقال بصوت متحشرج وكانه يلفظ انفاسه الآخيرة


وَجَاءَتْ سَكْرَةُ الْمَوْتِ بِالْحَقِّ ذَلِكَ مَا كُنْتَ مِنْهُ تَحِيدُ (19) وَنُفِخَ فِي الصُّورِ ذَلِكَ يَوْمُ الْوَعِيدِ (20) وَجَاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَهَا سَائِقٌ وَشَهِيدٌ (21) لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هَذَا فَكَشَفْنَا عَنْكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ (22)


وهنا يعلو صوت بكاؤه ، ويكمل الآيات في تدبر، وصار يقرأ آيات العذاب وكانه يري جهنم رأى العين ، ويخاف ان يسقط فيها


وَقَالَ قَرِينُهُ هَذَا مَا لَدَيَّ عَتِيدٌ (23) أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ (24) مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ (25) الَّذِي جَعَلَ مَعَ اللَّهِ إِلَهاً آخَرَ فَأَلْقِيَاهُ فِي الْعَذَابِ الشَّدِيدِ (26)


ويزيد النحيب عندما يصل إلي الآية (يَوْمَ نَقُولُ لِجَهَنَّمَ هَلْ امْتَلأْتِ وَتَقُولُ هَلْ مِنْ مَزِيدٍ (30)
وظل يرددها ويرددها ، وكأنه يذكر نفسه بعذابها


ثم يتحول صوته إلي نبرة حملت كل معاني النعيم ، وكانه دخل وذاق حلاوة الجنة ، حينما بدا بتلاوة آيات النعيم


وَأُزْلِفَتْ الْجَنَّةُ لِلْمُتَّقِينَ غَيْرَ بَعِيدٍ (31) هَذَا مَا تُوعَدُونَ لِكُلِّ أَوَّابٍ حَفِيظٍ (32) مَنْ خَشِيَ الرَّحْمَنَ بِالْغَيْبِ وَجَاءَ بِقَلْبٍ مُنِيبٍ (33) ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)


ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)


ادْخُلُوهَا بِسَلامٍ ذَلِكَ يَوْمُ الْخُلُودِ (34)




وسافرت نهي بعيدا مع ذلك الصوت الذى تمنت بداخلها لو امتكلت جماله ، ولكنه أخذها فى طريق آخر حيث سافرت الي ذلك الفارس الذى طالما دعت به الله أعواما تساوى أعوام عمرها تقريبا ، فكم دعت كثيرا أن يرزقها الله زوجا ً يملك حسن تدبر وتلاوة القرآن ،وكم أمضت ساعات طويلة تقرأ عن كيفية بناء البيوت بأسس الدين
وكم مرة تخيلت نفسها وهى تحاول إسعاد ذلك الفارس الملثم التي لم ترى وجهه حتى لحظتها هذه وتتودد الى الله بإرضاء زوجها


و ظلت تتذكر، وتتذكر تخيلاتها عن ردة فعلها عندما تراه عائدا يوما ً وتحمل ملامح وجهه من العبوس ما يجعل قلبها ينتفض لذلك فتحاول إخراجه مما هو فيه بحركات تجعله يضحك غصبا ،
وتذكرت كيف ظلت ليالى تحلم بالعديد من المواقف التي تزيد المحبه بينهم
وتلك الساعه فى يوم الجمعه والتى تفصل بين صلاتي المغرب والعشاء وهما يجلسان لقراءة وردهما الاسبوعى الذى يحافظان عليه مهما كانت ظروفهم فيزيد اجتماعهم على ذكر الله وحرصهم على اداء وردهم من محبتهم ، ويزيد بيتهم قوه وصلابه ضد تلك العواصف التى تهاجمه من وقت لآخر


ثم أصبحت تتذكر كيف أصبح اليوم ذلك الحلم بعيدا عن مخيلتها ، فلم يعد بداخلها شىء الا تلك الحقيبه الخاويه ، التي تحاول أن تملأها قدر استطاعتها ، حتى تذهب وتجد ما تقدمه بين يدي ربها


وكيف انها بين غمضة عين وانتباهتها قد تغيرت أهدافها واحلامها ، وكيف انه هناك ما يجب دائما على المؤمن الانتباه له والعمل من اجله ، ولكنه يتوه وسط انشغالات الحياه وتغفل عنه القلوب


وتذكرت تلك الآيات التي استمعت لها وعاشت معها منذ لحظات ، وظلت تتفكر ، كم هو الموت قريب وانه ربما يدق الباب فى اى وقت دون موعد


وكيف تكون رحمة الله بنا عندما يمهلنا ويذكرنا به .. ولكن ..كيف لنا إذا جاء ونحن مازلنا فى غفله ولم نـُعــِد العـُدّه لذلك اللقاء ، ماذا سنقول ، ماذا سنفعل ان فات الآوان بنا ؟؟


ثم تفكرت فى انها ربما تكون رسالة جديده لها من الله ، فلماذا استمعت الي هذا الصوت ، ولماذا قرأ تلك الآيات ؟؟ وظلت تحمد الله كثيرا وتشكره علي رحمته بها وانه جعلها تفطن الي رسالاته لها برحمته وقدرته سبحانه وتعالي


ثم وجدت نفسها تدعو لذلك الصوت الذي استمعت لتلاوته بما فتح الله عليها من الدعاء ، ولم تنتبه الا على دقات بابها ووجدت والدها يوقظها لصلاة الفجر


الحاج كامل : انتى صاحيه يا نهي ؟؟؟


نهي وهى تمسح دموعها فى سرعه بديهيه : اه يا بابا الحمد لله صاحية


الحاج كامل : ربنا يبارك فيكى يا بنتى ويجعلك من القوامين دايماتقبل الله يا حبيبتى ، ويلا عشان تصلى الفجر معايا انا ووالدتك


نهي : منا ومنك يا بابا ، حالا ً هحصل حضرتك


قامت لتجديد وضوئها وذهبت مسرعة لاداء الفجر جماعه مع والديها
وبعد أن أنتهوا من صلاتهم واذكارهم الصباحية ، عادت نهي لغرفتها لتنال قسطا من النوم فلم تعد تستطيع المواصله ، واصبح النوم يداعب عينيها


****


واستيقظت نهي وهى تشعر أنها تطير شوقاً مع نسمات البحر ، وكأنها طائر صغير تصاحبة الرياح وتحمله لتصل به إلي مرسي الأمان
ودخلت كعادتها لتنثر بسماتها على والديها ، ووجدت والدها وقد نظر إليها نظرة متاملة رافقته فيها دمعة حنين رفضت الخروج وقررت البقاء لتروى شوقه الدفين .


نهي فى حيرة صامتة : صباح الخير والرضا على أحن واطيب اب فى الدنيا


وتوجهت لتقبيل جبهته كعادتها فوجدته وقد احاطها بذراعيه واحتضنها بحنان وشوق وكانه لم يرها منذ أمد بعيد ، وأجابها : صباح النور على ست العرايس


نهي فى شقاوتها المعتاده : عرايس ؟؟ هو فى عرايس هنا ؟؟ مين جاب سيرة العرايس ؟؟ فين العرايس دول ؟؟ هه فين .. فين ؟؟


الحج كامل وهو يمسك بخدها مداعبا اياها : وهو فى أجمل من كده عروسة ، ربنا يفرحنى بيكى عن قريب ويرزقك زوج صالح يقدر قيمتك ويعرف يصون الجوهره اللى هنديهاله


نهي فى محاولة مصطنعه للضحك لتدارى خجلها من كلمات والدها : طيب ولما يجي ابن الحلال ، ويخطفنى حضرته على حصانه الابيض ، مين هيغلس .. احم احم .. قصدى هيصبح عليكم كل يوم الصبح ؟؟ وازاى هتعيشوا من غيري ؟؟ أدينى عاملالكم حس فى البيت ولا زهقتوا مني وعاوزنى اعمل حس فى حته تانيه ؟؟


الحج كامل : أحنا نعيش ونبقى مبسوطين وفرحانين لما قمرنا الجميل ده ينور بيته ويملاه حب وحنان زى ما هو مالى حياتنا ومنوراها . ربنا يرزقك بزوج صالح ينور حياتك ويكون سكن ليكى


نهي فى استرسالها : اممممم هو فى ايه يا حج كامل ، هو انا مديقاك فى حاجه ؟؟ يعنى حابسه حريتك مع الحاجه مثلا ؟؟ كابسه على أنفاسكم ولا حاجه ؟؟ قولي قولى انا بنتك برده والسر فى بير


الحج كامل ضاحكا ً: أهو الحاجه الوحيده اللى ربنا هيرحمنا منها لما تتجوزى لسانك ولماضتك دى .. يا ساتر هو الدكتور لما شدك للدنيا شدك من لسانك


نهي ضاحكة : يظهر كده ،بس يعنى لو الموضوع لماضه ولسان ، أقتصر انا يا سي بابا والم لسانى ، وبلاها الجواز يعنى تكلفوا نفسكم كل التكاليف دى جواز وجهاز وفرح عشان ترتاحو من لساانى ، لالالالالا .. انا حتي ميرضينيش ، خلااص هعفو عنكم وهرحمكم من لسانى الطويل ده وهقص منه 2 سم بحالهم.. بس خلونى قاعده معاكم انا مرتااحه كده


ثم تنهي حوارها الضاحك وهى تهمس لوالدها بسؤال جاد وقد احاطت عنقه بذراعيها : إنما قولي بقي يا سي بابا ليه الدمعه اللى لمحتها فى عنيك اول ما لمحتنى وبعدين تلتها بشريط الدعاوي المحترم ده
خير يا بابا .. مالك يا حبيبي؟؟


الحج كامل فى دهشه من ملاحظة نهي : هو انتى كده مفيش حاجه بتعدى من تحت إيدك ؟؟


نهي فى مكر : ولا من فوقها يا سي بابا، عوامل وراثيه بقي ، شوف بقي احنا وراثينها من مين !!


الحج كامل : ماشي يا لمضة ، اصلك النهاردة رجعتيني سنين طويله لورا ، فكرتينى بستك الله يرحمها


نهي : الله يرحمها ويجعلها مع الصالحين فى الجنة ان شاء الله ، بس فكرتك بيها ازاى ، واشمعني يعنى النهارده ، مانا بنتك من زمان


الحج كامل فى شرود : ابدا بس فرحتك بالعمره واحساسك بيها يشبه احساس وفرحة ستك الله يرحمها ، ووشك النهاردة منور فكرني بنظرة عنيها ووشها بعد ما رجعت من العمرة


نهي وهي تحضن والدها الذى ادماه الشوق والحنين وكانها تحولت فى لحظة الي أم تحتوى صغيرها بذراعيها لتشعره بحبها وحنانها : الله يرحمها ويجعلها من رفقاء النبي فى الجنة ، بس عارف يا بابا ستو دى عظيمه قوى واعظم حاجه عملتها انها جابتك للدنيا عشان تبقى انت باباياحبيبي ، ثم تضمه اليها وتدعو ..ربنا يخليك لينا ويرزقك الصبر على فراق كل ما احببت


قالت كلمتها هذه وقد ارتسمت صورته امام عينها عندما يعرف سرها الدفين
وتتابع الأم ما يحدث فى صمت بالغ عبرت عنه بعبرات ساخنه جسدت إحساسها برفيق دربها وإشفاقها عليه


وتعود نهي من جديد لتضفي قليلاً من البهجه لتبدد مشاعر الحنين التي ملات ارجاء المكان : شوف بقي يا سي بابا ، إنت النهاردة محجوز




الحج كامل وهو ينفض عنه حنينه للماضي و في محاولة للتجاوب مع نهي : إزاى يا لمضة ؟؟


نهي : بمعني ، حضرتك النهارده ملكى انا وماما وبس ، مطلوب بقي من حضرتك أنك تكون إمامنا فى الصلاة طول اليوم وبعدها نفكر نطلق سراحك ولا لأ


الحج كامل وكانه إستشعر حنينه لصوت عمر : بــس ..


نهي مقاطعه : من فضلك يا بابا ، ده رجاء مش طلب ، نفسي نصلي كل الصلوات النهارده جماعه أنا وانت وماما وانت تكون إمامنا ، عشان خاطرى محدش عالم هتيجى فرصه امتى زى دى تاانى نكون متجمعين فيها احنا التلاته لكل الصلوات


الحج كامل مستسلما ً : طلباتك اوامر يا ست نهي وانا عندى كام نهي


نهي فى فرحه كفرحة الاطفال : تسلم يابابا ، ربنا ما يحرمنى منك ابدا ً ويخليكم ليه وما يحرمنيش منكم


وينقضي نهار اليوم الثاني ونهي تتابع مسيرتها مع والديها ، ثم جلس ثلاثتهم فى لحظة إسترخاء وتأمل


الحج كامل : الله علي جمال الطبيعة ، سبحان الذى خلق فأحسن كل شيء خلقه ، شايفه يا حجه قد ايه الانسان بيحرم نفسه من جمال الكون حواليه لما بينشغل بالدنيا وامورها و بيحرم نفسه من تأمل الطبيعة والتفكر فى عظمه وخلق الله من حواليه


الأم : عندك حق يا حج ، التفكر والتامل من العبادات اللى كتير من الناس غافلين عنها ، مع أنها من أهم العبادات ، دى حتى بتدى الانسان طاقه وقوه على العباده لما يحس قد ايه انه صغير قوى جوه خلق ربنا ، وكمان الواحد لما بيتامل خلق الله بيزيد الحماس جواه على الطاعه أكتر
يعنى شوف ما شاء الله ، الشباب اللى ماليين الباخره واللى كتير منهم ملتزم ورايح عشان يعتمر ، كلامهم وشكلهم يشرح القلب ، يخلى الواحد نفسه عمره يرجع تاانى ويجتهد زيهم كده


الحج كامل : عند حق يا أم خالد ، والله الواحد شاف شباب هنا ، ربنا يبارك فيهم حسسوا الواحد انه لسه فى خير فى الامه وانه فى أمل يتصلح حالها طالما فيها شباب كده
ثم يكمل : فاكره الشاب اللى كنت حكيتلك عليه اللى شالي الشنطه ، اللى نازل فى الاوضه اللى جنبنا


الام فى اهتمام موجهه نظرها لنهي التي كانت انشغلت كعادتها لتدوين أحداث يومها : آه فاكراه ، ماله يا حج


الحج كامل فى إعجاب : أهو ده شاب من الشباب اللى بجد يشرحوا القلب ، ماشاء الله عليه يا أم خالد ، ادب وأخلاق وجدعنه والتزام ، وكمان ما شاء الله عليه ، عليه صوت فى تلاوة القرآن يؤسر القلوب ،


قاطع حديثه إنتباه نهي الصامت المفاجيء وتذكرها ذلك الصوت الشجي الذى سمعته من الغرفه المجاورة بالامس


وهو يكمل : لما روحنا عشان نصلى الظهر امبارح كان مندمج فى قراءة القرآن وكأنه وحده في خلوه مع الله وكان بيقراه بصوت متدبر وجميل ، خلي كل المصلين عاوزينه يؤمهم للصلاة وفعلا آمّنا بعد الحاح من المصلين، ومش عاوز احكيلك ازاى الناس كانت بتخرج من الصلاه كلها شوق لقرب الله كنت حاسس ان القلوب بتنتفض وبتبكى من كتر ما صوته خلاهم يستشعروا الكلام ، ومش كده بس لا ماشاء الله عليه حافظ للقرآن وبحفظه ليه بيبر والديه لانهم كانوا سبب بعد ربنا انه حفظه ومن خلال كلامى معاه حسيت انه كمان انسان ناجح فى عمله ومهتم بيه يعنى دين وعلم وأخلاق وكل ده ، ما شاء عليه ربنا يبارك فيه يارب واهو لسه شاب متعداش التلاتين من عمره فى الوقت اللى فيه ناس عدت الخمسين ولسه غافله عن ربنا


وأثناء استرساله فى الكلام وجد يد تربت على كتفه من الخلف فنظر له :




عمر فى استحياء واضح : السلااام عليكم يا والدى


الحج كامل ملتفتا ًخلفه : وعليكم السلااااام ورحمة الله وبركاته ، والله ابن حلال ، لسه كنت جايب فى سيرتك مع الحجه دلوقتى ، انت بتيجى ع السيرة ولا ايه !!


وانتبهت كل من نهي ووالدتها لذلك الشاب الذى أثرى سمعهم عنه كل خير


عمر : خير ان شاء الله


الحج كامل : كل خير يا عمر يا بنى ، انت تستاهل كل خير ، ربنا يبارك فيك


عمر فى حياء واضح : آسف لاقتحامي مجلسكم كده من غير استئذان بس لاحظت ان حضرتك مجتش صلاة الجماعه النهارده ، فحبيت بس أطمن ان حضرتك بخير


الحج كامل ، ولا إقتحام ولا حاجه يا عمر يا بنى ، أنا فعلا مكنتش متواجد فى صلاة الجماعه ، اصل الجماعه يا سيدى كانوا حاجزنى أأمهم للصلاة فمحبتش أزعلهم


ولفت إنتباه عمر ما قاله الحج كامل وعبرعن إعجابه بصمت بالغ حمل من معانى الاعجاب والتقدير ما جعل عيناه يزيد بريقها


عمر : ربنا يتقبل منكم ان شاء الله ، بس ياريت متحرمناش من وجود حضرتك معانا برده ، يعنى شويه معاهم وشويه معانا


الحج كامل : ان شاء الله يا بنى ، والله أنا كمان افتقدت صحبتك فى الصلاة ، تعالى بقي لما أعرفك بعيلتك الجديده


ثم يتنحى جانبا ليعرفه بهم : دى يا سيدى أمك الحجه أم خالد ، طبعا اعتبرها زى والدتك تمام


عمر : ازيك يا امي ، عمره مقبوله ان شاء الله


الأم : منا ومنك يا عمر يا بنى ، والله الحج كامل ملوش سيره غيرك من وقت ما ركبنا الباخره ، وبيذكرك بكل خير ، ربنا يبارك فيك يا ابنى


عمر : ربنا يجزيه ويجزيكى كل خير يا امي ، والله ده بس من أصلكم الطيب ، انا كمان من وقت ما ركبت الباخره وانا بعتبره زى والدى بالظبط سبحان من يؤلف القلوب، ولما مجاش النهارده الصلاه ولمحته قاعد قلت لازم اسلم وأطمن عليه ، فآسف لاقتحامى كده عليكم


الأم : ولا اقتحام ولا حاجه يا بنى ، ما احنا قلنا زى والدك يعنى تكلمه فى اى وقت ، هو فى حد بيستئذن عشان يكلم والده


عمر فى حياء من كرم تلك الاسره معه : شرف ليه والله يا امى إنى اكون واحد من عيلتكم الطيبه دى


الحج كامل مكملا التعارف : ودى يا سيدى أختك الصغيرة نهي


عمر مخفضا ً بصره : فرصه سعيده يا آنسه نهي وعمره مقبوله ان شاء الله


و ترفع نهي نظرها للمره الاولى منذ بدء الحديث لتبادله التحيه فإذا به ذلك الشاب الذي إصطدمت به أثناء صعودهم للباخره وتسرح للحظات وتتذكر حياؤه وسعادتها حينما رأت منه ذلك الحياء ، وهاهو أيضا صاحب ذلك الصوت الشجي الذى سمعته فنعم تلك الخلق التي تخلق بها وظلت تدعو له سرا ً، حتي إنتبهت لكلمته فبادلته الرد


نهى : احنا الاسعد يا فندم ، وعمره مقبوله منا ومنكم ان شاء الله


ثم سريعا ما أخفضت بصرها ، متذكرة خطورة النظروما يمكن ان يثيره داخل القلوب وقول رسول الله النظره الاولى لك والثانيه عليك ، ثم ما لبثت أن تذكرت عوض من ترك النظر خشية الله و كيف يمكن أن يتبدل بإيمان يجد حلاوته فى قلبه


وهنااااا ، يقطع حديثهم وكلماتهم صوت قبطان الباخره معلنا ً






القبطان : أعزائي الركاب ، بنوجه عناية حضراتكم ، إننا إقتربنا من الدخول على الميقات المحدد للرحلات القادمة من مصر ، فعلي كل الركاب اللى ناويين أداء مناسك العمرة انهم يجهزوا نفسهم للإحرام ، وهنتوقف قليلاً فى عرض البحر بمحاذاة الميقات المحدد لينا عشان جميع الركاب يلحقوا يحرموا ، تمنياتنا بعمره مقبوله للجميع


وهنا ، تنتفض نهي فور سماعها ذلك وتفيض عبراتها دون أدنى صوت منها ، ويتوقف كل شىء بها ولم يعد يحيا بها سوى ذلك القلب الذى ينبض شوقا لهذا المكان الذى غدا قريبا جدا ، وعيناها التي اصبحت كنهرجارى ٍ فاض بخيره ليروى كل نبته فى اجزاء جسدها .وتحتضنها والدتها بكل رفق وقد دمعت عيناها هى الاخرى ، فيلتفت عمر لهذا المشهد المؤثر ، ودون قصد يقع نظره عليها ، فيرى تلك الفتاه التي فاض شوقها لزيارة بيت الله فملأ المكان بنورهذا الحب


واذ بها تلك الفتاه التي إصطدم بها أثناء صعودهم للباخره وتذكر حياؤها وكلماتها البسيطه التي ألقتها ثم عادت مسرعة الى حضن والدتها وكأنها تحتمي به من أى اصطدام آخر ، ثم ينتبه أنه يجب أن يعطيهم مساحه للتعبير عن تلك اللحظه الخاصه التي يمروا بها ، والتي ستحفر فى أذهانهم كلما تجدد الحديث عن العمره


فاستئذن فى استحياء متمنيا لهم عمره مقبوله على وعد بلقاء الحج كامل الذى تبادل معه أرقام الهواتف والعناوين




****
تــــري ما الذى ستحمله لنا الأحداث ؟؟؟؟


تابعـــونااااا


الخميس، 11 نوفمبر 2010

الحلقة التاسعة


(9)


ذهب اليه الحاج كامل ليباركه جمال صوته ، فوجده .. ابنه الجديد الذي تعرف عليه منذ قليل


عمر : تقبل الله يا والدى


الحج كامل : منا ومنكم يا عمر يا ابني ، بارك الله فيك ، صوتك فى تلاوة القرآن هديه غاليه من ربنا ليك ، حافظ عليها ،ومش بس جمال صوت ..
لا إستشعارك وتدبرك لآيات الذكر يخلي الواحد يتمنى يملك جمال صوتك


عمر فى استحيااء واضح : ربنا يباركلك يا والدى ، ربنا ينعم علينا جميعا بتدبر تلاوة القرآن


الحاج كامل : اللهم آمين ،انما قولي بقي يا باشمهندس إنت حد علمك التلاوة؟؟؟


عمر فى نظراات كأنها استعادت شريط ذكريات : آه الحمد لله ، والدى ووالدتى الله يرحمهم ويجزيهم عني كل خير ، كانوا دايما حريصين إنهم يجيبولى شيخ يحفظنى القرآن ويعلمنى التلاوة
لحد الحمد لله ما ربنا مّن عليه بحفظه وتلاوته ،فالحمد لله الذي يسرلي هذا وأهو نوع من أنواع البـِرْ بيهم وعمل صالح يشفعلهم ان شاء الله


الحج كامل : ربنا يرحمهم ويجزيهم عنك كل خير ، ويباركلك فى عملك يا بني



وإنصرفا كلاهما وهما يتبادلا أطراف الحديث ، وكانهما لم يتعارفا فقط منذ لحظات ، وانما كأن مر عليهم اعواما ً عديده


فما أجمل اللقاء والمعرفه فى الله ولله


***


وترك الحاج كامل عمر مع رفقائه الذين لا يقلوا أبدا عن صديقهم ، فنِعم تلك الصحبه الصالحه .
وانضم مجددا لزوجته وإبنته .. وجلس ثلاثتهم لتأمل تلك الطبيعه الخلااابة
وشرد كل منهم ، واطلقوا العنان لاعينهم أن تصطحب تلك الامواج المسافرة لتعود بهم زمنا الى الخلف ، وكأنهم داخل قاعه لعرض الأفلام وإنفرد كل ٍ منهم بمشاهدة فيلما ًمختلفا ً عن الاخر


فشرد الحج كامل ، وعَلـّت وجهه الشارد إبتسامه حملت كل معاني الصفاء والشوق لذكرى تلك الايام ، وعااد سنواات إلي الماضي البعيد ، والتي أثارها بداخله حواره مع عمر


فساافر بعيدا إلي تلك القرية الصغيرة ، الي ذلك البيت الذى إحتوت أركانه على حجرتين ضمت بين جدرانهما خمسة أطفال ،
وأم ، إرتسمت على ملامحها علامات الشقاء الممتزجة بالحب والحنان الذى فاض فى أرجاء ذلك المنزل البسيط فرسمت البسمه والحب على وجوه كل من بداخله ،
وأب ، عامل بسيط يكدح من اجل أن يُغنى اسرته عن السؤال ، ورجل تعلم فنون العطاء فأصبح يهب كل ما يملك لعائلته ، وكان رجل رغم بساطه حاله ، لكنه كان ذا سيط طيب وحكمة بالغه علمته إياها تلك الحياه التي عاشاها ، فكان ملجأ أهل القرية فى جميع الأمور


وبرغم بساطة الحال ، إلا أنه كان يحرص على تعليم اولاده ، وخصوصا تحفيظهم آيات الذكر الحكيم فى كـُتـّْاب صديقه الشيخ سعيد ، حيث هناك تعلم الحاج كامل وإخوته أصول الدين ، وحفظ وتلاوة القرآن الكريم


وتلك الام ، التي غرست فى أولادها أصول هذا الدين بشتي الطرق


فصاريتذكر..


ذلك الصندوق الورقي الذى صنعته والدته بيداها و كتبت عليه صندوق الصدقه ، ورغم قلة زاده الا أنها كانت تحرص دائما على ان تفرغه كل شهر وتجعل أولادها هم الذين يخرجون صدقاتهم ، ليعودوا من جديد بإدخار صدقات جديده ،
وكيف أنها كانت دوما تحرص على ان تجدد ملابسهم التى اصبحوا فى غني عنها ، وتضع لمساتها البسيطه عليها ، وتجعلهم يهدونها لمن هم فى إحتياج لها من أهل القرية ، وتخبرهم دائما ان تلك العطايا تخرج لله فلابد ان تخرج فى أجمل صورها
فتعلمهم بهذا معني العطااء ، وتغرس فيهم قيم هذا الدين ،


وصار يتذكر ...


كيف كانت تنثر عليهم قصص الصحابه والسيرة النبويه بطرقها الشيقه التي تجعلهم يتفكرون دائما فى معاني قصصها ،وكانها ألغاز وجب عليهم حلها ، فلا يصبحون إلا وقد تعلموا درسا جديدا .


وتلك القصه التى طالما تردت بذهنه وهو صغير دون ان يدرك معناها، قصة الصحابي أبو الدرداء عندما نزل عنده جماعة فى ليلة شديدة البرودة ، فبعث لهم بطعام ساخن ولم يبعث لهم باللـُحف ( الغطاء ) ،ولما هموا بالنوم جعلوا يتشاورون بأمر اللـُحف فقال واحد منهم أنا أذهب واكلمه


فقال له آخر : دعه . ؛ فأبي


ومضي حتى وقف على باب حجرته ، فرآه قد اضطجع ، وامراته جالسه قريبا منه وليس عليهما الا ثوب خفيف لايقي من حر ولا يصون من برد


فقال له : ما أراك بت الا كما نبيت نحن !!


أين متاعكم ؟؟؟


أبو الدرداء : لنا دار هناك ، نرسلُ إليها تباعا ً كل ما نحصل عليه من متاع ، ولو كنا استبقينا فى هذه الدار شيئا ً منه لبعثنا به إليكم


ثم إن فى طريقنا الذى سنسلكه إلي تلك الدار عقبة كؤؤدا (صعبة المرتقي)


المُخِف فيها خيرُ من المُـثقِل ، فأردنا أن نتخَفَف من أثقالنا علـّنا نجتاز


ثم قال للرجل : أفهمت ؟؟!!


فأجاب الرجل : نعم فهمت وجزيت خيرا


ولم يعي كامل ما كانت تعنيه والدته منها إلا عندما كبر ،


وتـَذَكر ايضا ..


حرصها الشديد على إدخار كل ما يزيد عن حاجتها الشخصيه ، لتسافر هى وزوجها وتزور الحبيب ، فكانت أكثر امانيها شوقا ًإلي تحقيقها ، وظلت على حالها لاعواام حتي إكتملت معها النقود ، ولم تكد تصدق حالها أنها اخيرا ً ستزور الرسول ، وكم بكت كثيرا تأثراً وفرحاً بإكتمال المبلغ معها ،وكم كانت سعادتها أن رفيق رحلتها هو زوجها الذى طالما نبض قلبها حبا ً له
وكيف كان وجهها مضيء ومشرق حينما عادت من رحلتها ، وكأنها إستعادت الحياه من جديد.


وتدور عجلة الزمن ، لتقف بتلك الأسرة فى محطه جديده يصطحبهم فيها فقدان هذا الاب المكافح بعد مرض لم يطول كثيرا ً ، تاركا ً لزوجته واولادة سيرة طيبه يحملها الجميع فوق رؤسهم


ولم يكن غريبا على تلك الام التي تعملت فنون ومهارات الحياة من أجل إسعاد أسرتها ، أن تفتح بابا جديدا ً لمهارة جديدة تساعدها على توزان تلك الاسرة دون اللجوء لمساعدة أحد


وتعلمت فنون التفصيل ، وأصبحت من أمهر خياطات تلك القرية ، وأتقنهم لعملها ، وواصلت المسيرة حتي إستطاعت تجهيز وتزويج البنتان


ورأت فرسانها الثلاثه قد إمتطي كل ُ منهم جَوَادَهُ وانطلق ليشق طريقه فى هذه الحياة ،


حتي إستشعرت انها قد انهت رسالتها وإشتاقت لرفيق دربها ، وتمنت لو تقابله من جديد لتخبره بكل ما حدث بعد رحيله
وما هي إلا سنوات قليله حتي تحققت رغبتها ورحلت هي الاخري
رحلت بقلب راض ٍ عن فلذات اكبادها الذين كانوا دوما ًبارين بها وبوالدهم
كما كانوا بارين ببعضهم البعض ، وبتلك الرحم التي جمعتهم .


وكم شعر بعدها كامل وإخوته بفرااغ مكانها ، ووَحْشَة المنزل بدونها


وعاش كامل وحدته وبرودة ايامه حتى إجتمع مع زوجته ، وتـَذَكُر رحلة زواجهم ، وكم عانت هي الاخرى معه فى بداية حياته كما عانت أمه مع أبيه
و أنهي رحلته مع الماضي بتأمل وجه زوجته الشارد .




فكانت هي الاخري قد أدارت شريط الايام وعادت به زمنا ً ، ولكنها عادت إلي طفولة نهي ، وكيف كانت نهي طفله يدللها و يحبها الجميع لطلاقة لسانها ، وشقاوتها المحببه من كل أفراد العائلة


وكيف كانت رغم انها الصغري والمدللله الا انها كانت دوما ًعطاءة و حنونه ومحبه للجميع


فتذكرت ما كانت تفعله مع إخوتها أيام زوااجهم ، وكيف ساندت ليلي كثيرا فى محاولة تـَفّهُم محمد فى بداية إرتباطهم ، وكيف كانت تعطيها الافكار لمحاولة جعل بيتها يمتلىء بالحب والحنان وفى نفس الوقت يقوم بذكر الله الذي يجمعها دائما وزوجها ويزيد المحبه بينهم ويجنبهم الشيطان.






وكيف صادقت مريم وكانت دائما تنصرها على اخيها حتى لا تشعر مريم بوحدتها بينهم ، ثم كانت تاخذ مريم فى جانب بعيد عن خالد وتحاول أن توضح لها نقاط الصح والخطأ ، لتتجنبه ، فتقوم مريم بدورها بتلطيف الأجواء ، ويعود جو الصفا والود مرة أخري ليملىء المكان .


كم كانت دوما نهي لاتفكر بحالها على قدر ما كانت تهتم بإسعاد كل من حولها ،


لكنها تغيرت كثيرا ًفى الايام الاخيره ، فبرغم تلك الإبتسامه المرسومه على وجهها ، ولكن كان هناك دائما حزن يمليء عيناها ، وكانت دائمة الشرود ، فتـُرى ما حل بها ؟؟ ، وما سبب هذا الحزن الدفين بها ؟ وما هو ذلك السر الخفي الذى أشعر به ينمو بداخلها حتى كاد أن ينفجر؟


وظلت ترمق نهي بنظرااتها الحانيه علـّها تستشف من نظراتها هذه ما تخفيه قرة عينها


وظلت تدعي لها بقلبها الحاااني بان يرضي الله عنها ، ويرزقها بزوج صالح يبادلها عطائها مع الجميع

وهنا كانت نهي ممسكه بمفكرتها الصغيرة وتسطر بها ما إستشعرته بعد صلاتها مع والدتها



فسطرت :-



كان قد قطع إسترسالي فى الكتابه منذ قليل ، سماعي لآذان الظهر ، وقيامي لأداء الصلاه فى موعدها ومحاولة إكتساب ثواب الصلاه فى اول وقتها
وبعد ان انهيت وضوئي ، جال بخاطري ان أجعل والدى يَؤُمْنـَا للصلاة


فلماذا لم اكن افكر دوما ً فى فعل هذا ، فكم هو رائع حينما يجمعنا والدى لأداء صلاة الفجر أو إحدي الصلوات الأخرى حينما يكون الوقت مواتيا لفعل هذا


ودخلت بالفعل لطلب هذا من والدى ، ولكنى وجدته قد إنصرف للصلاة مع الجماعة ، وإقترحت على والدتى أن نصلي انا وهى فنصيب نحن أيضا ثواب صلاة الجماعه
وبينما أمي تقوم بتكبيرة الإحرام ، إستشعرت بدبيب غريب بقلبي ، وكان مزيج من مشاعر كثيره ، لا أستطيع تصنيف كل منهم على حِدا ، ولكنى شعرت بقرب شديد منها ، ومن الله ، وإستشعرت كم يزيد الإجتماع على ذكر الله الألفه والمحبه فى القلوب


فاللهم أجمعنا دائما على طاعتك وقربك وحبك وإجعل كل اعمالنا خالصة ً لوجهك الكريم


وبعد أن فرغنا من اداء الصلاة ، جلسنا نقرأ القرآن سويا ً ، وشعرت فى بداية الأمر برهبة ، وأننى عدت طفله صغيرة تخاف أن تتلعثم وتخطيء فى القراءة ،


ولكن أمي بددت بداخلي ذلك الشعور سريعا ً ، فأشعرتني انها صديقتى ، وصارت تسئلنى وكاننى سـَأُّعَلِمَهَا ، ومر الوقت بنا سريعا دون ان نشعر


حتى آتي والدي من جديد ، وها نحن الآن نجلس لتنسم هواء البحر ، والتأمل فى جمال خلق الله سبحانه وتعالي


فسبحان الذى خلق الكون فاحسن كل شىء خلقة .


أشعر الآن برغبتي الشديده فى الطواف بالبيت ، والتلبيه ، فاصبحت أشتاق أكثر إلي الذهاب هنااك ، وكأن قلبي لم يعد يحتمل حركة العقارب والساعات ، وكأن هذا الحلم الذي غدا على بعد ساعات قليله ليتحقق ، صار بعيد المنال


ولكن . صبرا ً جميلا ً


فلأردد التلبية ، حتي أروي شوق قلبي


لبيك اللهم لبيك ن لبيك لا شريك لك لبيك ن إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك


***




وظلت تردده حتى انتبهت الي أمها التي قد سمعت همهمتها ، فاصبحت تردد هى الاخري بالتلبيه معها بصوت منخفض ، وأدركهم الحاج كامل هو الأخر فصار ثلاثتهم يرددوا شوقا ً وحبا ً ..




لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ن إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا لا شريك لك




***


تــُري ما تحمله لنا جديد الأحداث؟؟




تابعوناااااا