الخميس، 28 أكتوبر 2010

الرســالة الثامنة


(8)



وفى الغرفة المجاورة ، أخذت نهي بمفكرتها التي حرصت على إحضارها معها لتدون بها ذكريات تلك الرحلة التي طالما طاقت اليها نفسها ، ولانها ربما تكون الذكري التي تتركها بعدها ، والتي ربما تهون على والديها عندما يستشعراان كم كانت تعني لها تلك الرحلة ، وكم كانت سعادتها بها ، وكم يسر الله بتوقيتها ، فلن تكون أحوج لها من تلك الأياام


وبدأت نهي بسطر أولى كلمااااتها :


وقد كتبت فى اولى صفحات مفكرتها



السلااام عليكم ورحمة الله تعالي وبركاته



ذكريات أجمــــل أيااام حياااتي



***


ثم اتبعت :



كم تمنيت دوما أن أحافظ على تدوين يومياتي ، كم كنت أعشق إحتضان القلم بين أصابعي وجعله يفيض بمشاااعري المتناثره على تلك الورقات


ولكن .. كنت دوما أُضيعه ، فلا أحافظ علي صداقته الدائمه


كنت اشعر أني أُعذبه معي بنثر آلالامي ، فأشفق عليه مني


ولكنه كان دائما عونا لي ، فكلما وددت التقرب إليه أعانني من جديد


وكنت كل مره أمسك فيها بقلمي ، اشعر بحنينه إليّ ، وأنينه علي ّ


ولكنى اليوم ، سأحتضنه وكلى فرحه ، سأنثُر به كلماااات طال إنتظارى لها


وزاد حنيني إليها


سأشركه معي اليوم فى أجمل أياام عمري


نعم ، فلطالما كان رفيقى وصديقي وقت الضيق ، واليوم سيكون أعز أصدقائي فى لحظات شوقي وحنيني ، فى لحظااات أسأل الله أن يَمُنّ بها على كل مسلم


سأكتب ولعلها تكون كتابتي الاخيرة ، ويكون آخر لقاءاتى مع هذا الصديق الوفي ، ولعلها تكون لحظة عرفان له بالجميل


فأسْطـــر يا قلمي كما شئت ، وإعلم انك كنت دوما لي نعم الصديق


***


مذكرات اليوم الاول : أكتب الآن وأنا على متن بااخرة ، ستحملنا عما قريب الى الأراضي المقدسه


واخيرا ً ، سألقي الحبيب وصحبه ، سأتنسم الهواء الذي حمل ثرااهم


و سأخطو بقدمى فوق تلك الأرض التي حملت مع الحبيب الرساله إلي البشرية ، وشهدت غزوات ومعارك وارتوت بدماء أطهر الشهداء ،

سأطوف بالبيت الحراام ، وأناجي ربي فى أطهربقاع الارض


آآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآآه


لقااااااااااء ، إنتظرته كثيرا ً ، حتى ما عدت أطيق إنتظاري


كم هى صعبة تلك الدقائق والساعات القادمه ، فكلما مرت دقيقه شعرت بأنها دهرُ كامل يمر ، وأصبحت الافكار تتزاحم فى رأسي


فماذا سأفعل عند أول لقاء ؟؟؟


هل سأدعى لكل من سئلنى الدعاء ؟؟


هل ساتذكرهم ، أم سانسي حتي إسمي من رهبة اللقاء ؟؟


هل سأبكى من فرط شوقى ؟؟


هل سأجد كل كلمات الشوق التي إختزنتها أعواما طويله تخرج مني
وتعبر عن مدي شوقي وحنيني ؟؟


هل سأجد ما اقوله أم سينعقد لسااني من قلة زاادى ؟؟


لا أعــــلم ما سيحدث


ولكن كل ما اعلمه جيدا انها مِنّه من ربي سبحانه وتعالي عليّ


فلأحاول قدر إستطاعتى أن اشكر ربي على مِنـَّته هذه



فاللهم أعني علي ذكــرك وشكرك وحسن عبااادتك


لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك إن الحمد والنعمة لك والملك


لا شريك لك لبيك


آآآه ..كم استشعر كل كلمة فى هذا الدعاء الآن ، نعم يا ربي ، فقد أتيت إليك ليس لي شوق لأي شيء سوى رضاك عني ، ليس لي أى رغبة اخري سوى قربك ، ليس لي اى طلب آخر سوي حبك ، فلبيك الهى ، لبيك بكل ذرة خلقتها فى جسدي ، لبيك وسعديك ، والخير كله بيديك ، والشر ليس إليك


لبيك اللهم لبيك ، لبيك لا شريك لك لبيك ، إن الحمد والنعمة لك والملك ، لا شريك لك لبيك


***


ثم تأخذ نفس عميق ، وتزيل تلك العبره التي سقطت من فرط شوقها على كلماتها .. وتكمل
 
أما عن أحداث يومي الاول ، فلأسطر قليلا مما حدث فيه


فاليوم ، وبعد حديثي مع أخي خالد ، شعرت براااحة غريبه تملكتني ، وكانني أزحت حجراً ثقيلاً كنت أحمله فوق صدرى
وكانني بُحت إليه بسري الخفيّ ، ومع أن هذا لم يحدث ، إلا أن مجرد حواري معه أراحنى كثيراً ، وصرت طوال الطريق لا افكر إلا فى لقائي المنتظر .. ومحاولة ترتيب خطواتي إلي ذلك القاء

ولم أفق من احلامي المرتقبه ، إلا عند وصولنا للميناء وتوديع أخي خالد لنا
وهنااا .. تجددت أحلامي التي ستصبح عن قريب واااقع أحياه وأعيشه


وبينما نحن نصعد للباخرة ، إذ بتدافع بعض البسطااء الذي بدوره دفعني فإفتقدت إحتضان يد امي لي ، ومما جعل أحد الركاب يصطدم بي هو الآخر - مما جعلني أضيق بتدافعهم هذا


وكــان شاب فى الثلاثين من عمره تقريبا ، وبدت عليه ملامح الإلتزاام

ولكن ما لفت إنتباهي قليلا ً ، هو ملامح الحياء الشديد التي بدت عليه من وقع هذا الاصطدام ، فـَوَجّْه ناظريه للأسفل وهو يعتذر بشدة بأن ما حدث هو سبب إصطدامه بي ، وقد إحمر وجهه خجلا ً من هذا التدافع ، وإعتذرت بدورى أنا الأخري منه وإنصرفت مسرعه لألحق بأبي وأمي


ولا أعلم لماذا حينها ، تذكرت سيدنا عثمااان رضي الله عنه وتذكرت حياؤه وقول الحبيب عنه " ألا أستحي من رجل تستحي منه الملائكه "


وإستشعرت سعادة غريبه بوجود مثل هذا الحياء فى شبابنا اليوم


فاللهم زد شباب وبنات امة حبيبك محمد حياءً منك وإليك


***


وإنضممت مجددا إلي امي وابي ، وتشبثت هذه المره بذراع امي ، حتى لا يُضيعني منها بعد ذلك أى تدافع


وأنهينا إجراءات الورق ، وصعدنا لأعلي ونحن نتمتم بدعاء السفر ، وأخذت انا وامي نطوف بارجاء الباخرة ، ونتأمل جمال خلق الله سبحانه وتعالي ، فكم هى ساحرة تلك الطبيعة .فإن كان هذا ونحن فى الدنيا ، فما بالنا بجنة أعدها الله سبحانه وتعالي لعباده المتقين ،


وفيها ما لاعين رات ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر


فسبحان الله الخالق الوهااب ، فاللهم إجعلنا من أهل جنتك


***


ولم نستشعر غياب أبي ، الذى إهتم بدوره بنقل لوازمنا إلي الغرف



وهناااا ...


قطع إسترسالها فى الكتابة ، صوت آذان الظهر الذى حان موعده



فقامت نهي مسرعه لتتوضأ وبعد أن فرغت ، فتحت الباب المشترك بينها وبين والديها بعد ان استئذنت فى الدخول عليهم


ووجدت والدتها هي الاخري قد إنتهت من وضوئها ولم تجد والدها


نهي : هو بابا فين يا ماما ؟؟


الأم : راح يصلي الظهر مع الجماعة


نهي : طيب ما تيجي إحنا كمان ناخد ثواب صلاة الجماعه ونزيد لـ 27 درجة زى ما الرسول عليه الصلاة والسلام قال " صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة " ، ونصلي الظهر سوا ، ومش الظهر بس إن شاء الله نصلي دايما ًجماعه طالما إحنا سوا


نهي تتابع فى حماس واضح : وبعد ما نخلص صلاة إن شاء الله نعمل مقرئة قرآن ، إنتي تقري ربع مثلا وانا اقرى بعدك ربع وهكذا ، واهو نعين بعض على الطاعه ، وقراءة القرآن ، وتصحيح التلاوة ، وكمان ناخد ثواب الإجتماع فى ذكرالله و زى ما قال رسولنا الكريم " ( ما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة وحفتهم الملائكة وذكرهم الله فيمن عنده ) .


الأم فى تأثر وفرحه بإبنتها : ربنا يباركلك يا نهي ، ويعينك دايما على الخير ، ويرضي عنك ويرضيكى يارب


نهي فى استحيااء : ربنا يتقبل منك يا أغلي أم بالدنيا يارب ، وينعم عليه برضااكى انتى و بابا بعد رضا رب العالمين


الأم : قلبي راضي عنك ليوم الدين ، انتى واخواتك ، ربنا ينعم عليكم بكل خير ، ويرضي عنكم


نهي وقد أعددت سجادة الصلاة : اللهم أمين ، طيب يلااا بقي يا ست الكل ، اؤمّي الصلاة


و بدءت الأم بتكبيرة الإحرام


****

وعلى الجانب الآخر ، كان الحاج كامل إنضم إلي جمع المصلين الذين تجمعوا قبل الصلاة فاستمعوا الى تلاوة إمامهم الذى رزق صوت شجي
آسر قلوب المصلين الذين قد تراصوا لبدء الصلاة
فاستشعروا عظمة القرآن ، وتدبره
وأصبحت القلوب تشتااق وتتعطش إلي كلااام الله
ودخلوا فى صلاتهم وهم حاملين قلوب خاشعه متدبرة

وبعد أن فرغ الجميع من اداء الصلاة والدعااء ، ودعوات الجميع لهذا الشاب ذو الصوت الشجي


ذهب اليه الحاج كامل ليباركه جمال صوته ، فوجده .......


يـــاتري هيطلع مين؟؟
وايه اللى هيحصل ؟؟
خلونا نشوف في الحلقات الجاية
 

**********



هناك 4 تعليقات:

  1. رسالة اليوم كانت جميلة و مذينة بالحديث عما اشتاق اليه
    لا يعرف طعم الشوق الى زيارة بيت الله الا من زاره من قبل , فقد اعتمرت منذ سنتين و مشتاق للزهاب مرة أخرى

    ردحذف
  2. مرحبا .. بيوميات شحات
    سلام الله عليك ورحمته وبركاته
    وأعلم جيدا ان من زار الحرم مره يكون أكثر اشتياقا من الذي لم ينال الشرف بعد
    ربنا يرزقنا جميعا ً مرات ومرات
    كتبت تلك الكلمات .. وانا لم ازوره قط .. فأتمنى ان اكون أصبت قلوبكم ..
    ربنا يرزقنا جميعا زيارة الحرم
    وطبعا ..سعيدة جدا بمتابعة حضرتك
    واستمر معانا للأخر ..مازالت الاحداث تحمل الكثير

    ردحذف
  3. ياه يا دعاء

    كلمات جميلة ودروس دينية صغيرة تضعينها بيننا بكل رقة ....سلمت يداكي


    كملي الا انا حنام و أحلم بالابطال كده

    ردحذف
  4. كلمات من نور
    إطلالتك على المدونه بتسعدنى جدا
    وكلماتك بتسعدنى اكتر

    جزاااكي الله خير .. وتابعينا للاخر

    ان شاء الله لسه الاحداث شايله كتير
    ربنا يوفقنا جميعا ويجمعنا بتلك الكلمات تحت عرشه

    كل سنة وانتم طيبين
    الحلقة التاسعه بعد لحظااات ان شاء الله

    ردحذف